الأربعاء، أغسطس ٢٠، ٢٠٠٨


الاثنين، أغسطس ٠٤، ٢٠٠٨

" ألوان القبلات "



سليمان هو اسم المهندس المعروف بالجنون والنجاح في مجال عمله في التصميمات الهندسية فهو صاحب
تصميمات اكبر القرى السياحية في مصر وصنع اسم كبير عبر السنوات .
موظفوه بعضهم مخلد يعمل معه من سنوات طويلة أما الباقيين فهم حديثو العهد تترواح فتره تواجدهم في مكتبه شهور لاتزيد عن ثلاثه اشهر ويطلب منهم ترك مكتبه فورا لأنه يعتبرهم تلوث فكري وبصري .
وخاصة مديره مكتبه بات من المستحيل أن تبقي معه كثيرا .
ولكن هدي تمكنت من البقاء لمده ثلاثة أعوام مع هذا السليمان الأصلع الجاد .لقد انتهت هدي من انهاء الدراسه في كليه التجاره وعملت كسكرتيره برواتب صغيره منذ ان تخرجت ولكن حين ذهبت الي مكتب السليمان الهندسي ملأها التصميم حتي لا يتم الاستغناء عنها كما حدث مع كل السابقات لذا كافحت بشده لتتعلم كل صغيره وكبيره تعمل بجديه شديدة وحريصة كل الحرص علي إرضائه هو وكل عملائه وتتحدي نفسها في إنجاز كل المهام المطلوبة منها وتعلم كل ما هو جديد .
كل من في الشركة يشيد بمجهودها خلال ثلاثة أعوام .
انه توافق رهيب وتناغم حدث هنا بينها وبين المهندس سليمان يتعجب له الجميع إلا هدي فهي تظن لقلة خبرتها أن هذا التناغم ناجم عن مجهودها الكبير في العمل وذكائها أيضا الغير محدود من وجهه نظرها .
لثلاثة أعوام لا يعرف مديرها عنها أكثر من ارتدائها لحجاب بسيط وملابس انيقه محتشمة ولكنها تنتقيها بعنايه لتعبر عن أنثي شرقيه محجبه ومعتدله الجمال والمزاج .
تدخل مكتبه بهدوء وتخرج منه ......هدي لها من العزم والتصميم ما يمكنها من النجاح .
سليمان المهندس كان أعزبا ومطلقا بلغ من العمر الخمسة والأربعين
زوجته السابقة تحيا مع ابنه في أمريكا بمفردها ترتب له هدي السفر كل أربعه اشهر ليري ابنه البالغ عشره أعوام .
انه يوم ميلاده فكرت هدي في ترتيب حفل صغير لا يتجاوز عشره دقائق لإتمام العمل .
وبالفعل رتبت حفل صغير له واتصلت بكل الموظفين للتهنئه ثم مسرعه طلبت منهم العوده لمكاتبهم
لان المهندس سليمان يحتاج الوقت لإتمام أعماله والتي لا تنتهي .
خرجوا من المكتب وتركوا سليمان وحيدا يفكر في ان كل تلك الأعوام والنجاحات لم تجلب له إلا الوحدة
"بمفردي أشيخ يوم بعد يوم وابني لا يعرف عني غير الهدايا ولن يرتضي العودة هنا ابدآ "يردد سليمان
ثم غضب والقي كل الأوراق والاب توب الخاص به علي الأرض وجلس وحيدا يقلب صفحات كتابه" ألوان القبلات " الذي الفه في شبابه .
دخلت هدي وقالت كل عام وحضرتك بألف خير تلك هديتي لك " سلسله فضيه بها دلايه كالشمس "
وقبل أن تنهي كلامها اكتشفت الفوضي والتي تعم المكتب قالت ما هذا؟ ..............لم يعلق سليمان
ولكن لا تقلق سنترتب كل شيء قالت هدي
تحتاج يا سيدي للراحه يمكنني أن ارتب لك قضاء باقي اليوم في احد الاوتيلات .فأنا للمرة الأولي أري تلك الفوضى .
فقال المهندس سليمان لا أنا اعرف ما أريد !! قالت ماذا تريد !! ثلاثة أعوام يا هدي ولا اعرف عنك شيئا اجلسي وتحدثي عن هدي :
تعجبت هدي قليلا وقالت لا يوجد ما يمنع تحت أمرك ماذا تريد أن تعرف عن هدي !!
لماذا لم تتزوجي إلي ألان أيتها الانيقه ؟قاربتي علي التاسعة والعشرون لم أراكِ حتي مخطوبه ؟
فقالت هدي الشقة انها الشقة قال لها بتعجب شديد نعم شقه إيه ؟؟؟؟؟
قالت أريد عريس لديه شقه . والي ألان كل من تقدم لي لا يملك اكثر من راتب وربما راتب اقل من راتبي .
ضحك بصوت مرتفع جدا فقالت حمدلله علي تلك الضحكه هل يمكن أن أعود لعملي ألان !!
لا يا هدي اريد ان اتحدث معك قليلا ارجوكِ!!
قالت كما تريد قال الم يعد للفتاه التي تنتظر الحب وتكافح مع حبيبها وجود في جيلك يا هدي
ربما توجد ولكنها ليست أنا فأنا انتظر الشقة والامان فيها وبعدها سنكافح معا ولكن من اجل الطعام .
وان جاء عريس يملك شقه وأنتي لا تحبين هل تقبلين الزواج به؟؟
إن جاء ويملك شقه وقريب من عمري ولم يسبق له الزواج ساتزوج به واحبه
فقال لها منطق غريب يا هدي ولكن يحترم
أشكرك يا سيدي ........هدي أنتي جميله جدا يا هدي
شكرا للإطراء ..وأرجوك بحق النقاش إن وجدت مهندس أو أي شخص من عمري ويملك شقه فلتخبره أن هدي في انتظاره....
ضحك مره ثانيه بكل قوه ثم .....لماذا اخترتي تلك السلسله الفضيه يا هدي لتهديني ؟
لأنك انقذتني من البطاله و سمحت للضوء بدخول حياتي يا سيدي ؟.ضوء راتبي الكبير
هل تعرفين انه وانا في مثل عمرك كتبت كتاب له علاقه بالالوان و ضوء الشمس .
فقالت هدي لا لا اعرف كنت أتوقع انك ولدت في كليه الهندسه لتنجز تلك الرسومات
فقال لها لا يا هدي انظري علي هذا الكتاب .
فقالت لا يوجد ما يمنع وجدت هدي كتاب اسمه " ألوان القبلات " والكاتب هو سليمان
قالت هل نشر هذا الكتيب" ألوان القبلات " ؟
قال لا حينما اوشكت علي النشر تراجعت فمن منا يهتم بألوان القبلات .......
قالت له نعم يا سيدي من يهتم بتلك الالوان انا ايضا لا اهتم
اسمح لي بالانصراف فوافق سليمان وقال لها انه سيعود للمنزل" أريد أن أعيد صياغة حياتي ".
في صباح اليوم التالي وقبل أن تدق التاسعه تكون هدي في مكتبها ولكن المهندس سليمان والذي تعودت منه ان يأتي في كل صباح اتصل بها وطلب منها تأجيل كل مواعيد اليوم لأنه مرهق جدا ولن يأتي
اعتذرت هدي لكل العملاء بلياقة .
ولكن المكتب كان بلا أي روح فقد غاب سليمان ومعه الاعمال والنشاط ظلت هدي وحيده تعيسة طوال اليوم
وانتظرت أن يعود للعمل بفارغ الصبر .
ووسط الهدوء دخلت مكتبه لتنظر في كل اركانه مفقتده مديرها الاصلع الجذاب الانيق مردده ما فائده الاساس والامكنه بدون رجل طيب نحبه ثم لمحت علي مكتبه كتاب " الوان القبلات " كذبت حين قالت إنها لا تهتم بمثل تلك الكتابات في فضول غريب......فهي تهتم وتهتم .....ولولا الخجل والخوف من الخوض في مناقشه معه حول الكتاب لكانت قرأته مئات المرات.
وفي اول صفحات الكتاب كتب المهندس سليمان :
"للقبلات ألوان هناك الفضي والأزرق والأحمر والأبيض والأخضر والأزرق"
ثم تصفحت فصول الكتاب لتجد انه في كل فصل من كتابه يصف كل قبله بلون كيف تكون وان لكل لون نوع محدد من النساء من وجهه نظره وان لكل قبله وقت وزمان وعمق في كتابه اعاد رسم وصياغه القبلات وكأنه يرسم رسم هندسي اكثر من رائع.
الكتاب حماسي جدا لا تصدق هدي أن المهندس سليمان الغارق في العمل هو من كتب ذلك وتسألت
لماذا لا اعرف شيئا عن فنون التقبيل تلك ولماذا ولماذا!!!!!.....
وتذكرت أن كل أحلامها حول عريس يملك شقه ولم تسمح لنفسها بدخول أي علاقة عاطفية لأنها من وجه نظرها عديمه النفع ومضيعه للوقت والجهد ..كيف احب ...والحب لا يعني عندي غيرالزواج ..والزواج يتطلب بعض المال .....الجدران ...."الشقه "
والقت عنها الكتاب وكأنه شبح محتمل أن يحتل عقلها المبرمج بمجموعه أهداف لن تحيد عنها
وقالت بسخرية ألوان القبلات إن التقبيل رفاهية للأغنياء فقط للأغنياء
امثالي من الطبقه المتوسطه لا يملكون أكثر من أحلامهم الممزقة في الزواج حتي برجل بلا فم لا لم اعد اهتم بتلك الأمور رددت هدي.....
وأتي اليوم التالي ولم يتصل سليمان والذي تحول إلي ملك جميل في عين هدي لم تراه إلا بعد أن غاب كرسيه الي كرسي العرش بلا ملك بلا سليمان .
واتصلت به وقالت أين انت ايها المهندس الغائب.
ثلاثه اعوام اعمل معك ولم تتغيب عن العمل إلا من اجل السفر ما بك ؟
قاطعها مرددا وحشيني جدا هدي ....................حبيبتي الجميله وحشتني
كادت السماعه ان تقع من بين يديها انها المره الاولي والتي تسمع منه كلمات رقيقه كتلك الكلمات ..........
فسألها عن احوالها وقال هل تفتقدين رجل عجوز يدعي سليمان ؟ أجابت: كل الشركه تفتقد المهندس سليمان
لم اسأل عن الشركه والمهندسين والجدران سألت عن امرأه تعمل معي في جديه لمده ثلاثه اعوام !!!
فقالت هدي بعد ان هدأت ارجو ان تعود لعملك لدينا الكثير من المهام يجب ان تنتهي !
فقال نعم ولازالت هدي علي نفس القدر من الجديه يا حبيبتي المهندس سليمان يعرف المسافه بيننا ولن اخترقها
سأتي في الغد لأرتب أوراقي
اغلقت السماعه بعد ان قال في حسم سلام
ولكنها ذاكرتها والتي تعمل منفردة الإيقاع لازالت تردد وحشتيني .....حبيبيتي..... حبيبتي الجميله وحشتني
من هذا الرجل انه للمره الأولي ............اه لو كان صغيرا ....اه لو كان علي ديني ....................اه لو لم يتزوج من قبل ............اه لو كان .................وكان ...............
ولكن افاقت مسرعه من تلك الحاله وقالت
اريده في عمري ومن ديني ويملك شقه وضحكت حين قالت شقه وقالت لنفسها لا تنسي يا هدي أحلامك وكفاحك في دنيا لا ترحم ولا تعترف بالضعفاء والفقراء من النساء.....

ورغم افكارها القاسيه في هذا اليوم تعمدت ان تزيد جرعه الكحل في عينها واحمر الخدود والذي بات من المستحيل أن تفرق بينه وبين لون بشرتها الطبيعي ومن حجابها الجميل تدلت بعض الخصلات السوداء الامعه
وارتدت جيب قصير وبوت غالي الثمن لم تصدق إلي ألان انها تمكنت من شرائه.
وفي الصباح ذهبت لتجده في مكتبه .
فقالت صباح الخير يا مهندس سليمان احمد الله علي عودتك وأرجوك لا تتغيب مره أخري عن عملك
فقال لها أنت جميله كالشمس يا هدي
يا هدي تلك الجوب والبوت يعطيكي رونقا أخر .
فقالت في خجل أشكرك جدا
قال أناا رجل عجوز ولقد فكرت بالأمس كثيرا في افكارك حول الزواج والشقه ومن خبرتي المتواضعه انتي تستحقين رجل اكثر بكثير من مجرد مالك لشقه اين الحب أيتها الجميله والود والتفاهم؟؟؟ ......ارجوكي تأملي أحلامك قبل أن تلتهم فيكي الانثي والصبي .
صمت رهيب يسكن هدي لم تجيب.........وماذا تقول .....غابت عنها كل مترادفات الكذب المعتاده .
قال اري كتابي " الوان القبلات "علي الارض الي هذه الدرجه كرهتي كلماتي ؟ والم تقولي انكي غير مهتمه بتلك الكتب ؟
اعتزرت له هدي وقالت فقط فضولي من دفعني الي كتابك ولكن ..........
فقال هل انزعجت من حده الكلمات و الأوصاف إنها الحياه يا صغيره ولم أزيد عليها كلمه واحده
ولكن انتي من ترفضين الاعتراف بالحقيقه !!
أي حقيقه!! في انفعال قالت هدي
الحقيقه الام الحب ان نحب حقنا في ممارسه الحب
وماذا عن حقي في ان احيا في امان بعيدا عن الخوف من الفقر والطرد ؟ حقي في ان يتقدم لخطبتي شاب لديه شقه ؟
لم اطلب شيئا كبيرا ؟؟
تلك هي المشكله يا هدي انتي تستحقين كل السماء ولاتدركين تستحقين ما هو اكبر واعمق من شقه وأربعه جدران ...تستحقين الحب ....والقبلات ...
هدي لو تسمحين لي بتقبيلك سأختار من الوان القبلات قبله برتقاليه اللون .........
قالت كيف تجرؤ ؟؟
قال انتي الشمس والصحراء القوية أتمني أن اطبع قبله برتقالية اللون علي فمك قبله لا تنتهي كالشمس قبله مشتعله وناعمه كرمال الصحراء.
غضبت وقالت لن اسمح لك ان تلمسني هل تستغل احتياجي للعمل لديك..بعد السنوات ...
فقال لها لم تفهمي بعد .........شمس محرقه يا هدي ....بعد رحيلي ستفهمين .......
لقد اتخذت قرارات مجنونه بالامس حتي لا اقضي باقي عمري وحيدا واول تلك القرارات ان اعود لزوجتي في امريكا وابني ورتبت لكي عمل لدي صديقي مروان وهو يرحب بالعمل معكي....
انا لا استطيع مواصله حياتي بمفردي اتوسل اليكي لا تغضبي مني ابدأ أنا لم احترم امرأة مثلما أحترمك ..وداعا ايتها الشمس وكان يرتدي تلك السلسله الفضيه التي اهدتها اليه هدي ...
تركت شركته ومعها مكافئه منه لها وحب كبير في قلبها ترفض الاعتراف بمجرد وجوده وذهبت للعمل في وقار وحزن مع صديقه مروان وعرفت في غيابه انه كان أعظم من في الوجود وكلماته عن الوان القبلات لم تفارق بالها ..... الي الان ......
وترك هو مصر في طريقه إلي أمريكا وتعرفت هي علي احد المهندسين في شركه المهندس مروان وكان لديه شقه صغيره ولم يسبق له الزواج......
تمت الخطبة وفي اقل من شهرين كان الزواج حفل صغير جدا وبسيط
وفي ليلتها الأولي قال اتسمحين لي بقبله !!
قالت مبتسمه أريدها
"برتقالية اللون " .